يقول رئيس محكمة الجنايات المستشار بهاء المري “في عام ١٩٤٣ اتُهم شيخ بلدة «المطاعنة» بإحراز مخدر الحشيش، أثبت الضابط في محضره؛ أنه اشتم رائحة هذا المخدر في جيب شيخ البلدة؛ وهو يجلس أمام مكتبه، وهذه الحالة في القانون؛ هي إحدی حالات التلبس التي تبيح للضابط القبض على المتهم فورا وبدون إذن من النيابة العامة.
أجرى الضابط تفتيشا للمتهم أسفر عن ضبط قطعة من مخدر
الحشيش في جيب عباءته.
أحيل شيخ البلدة للمحاكمة أمام محكمة إسنا؛ وكان محاميه العملاق مكرم عبيد باشا، طلب عبيد من المحكمة مناقشة الضابط فوافقته المحكمة.
س: ما الذي دعاك إلى تفتيش المتهم؟
ج: شممت رائحة مخدر الحشیش تفوح من بين طيات ملابسه.
س: ما المسافة التي كانت تفصل بینکما؟
ج: حوالى نصف متر لأنه كان يجلس أمامي وأنا كنت على المكتب.
س: إذن لم تدرك المخدر سوی بحاسة الشم؟
ج: نعم.
وهنا توجه عبيد إلى رئيس المحكمة ليطلب تکليف الضابط بأن يشتم ملابسه، لاستبيان ما إذا كان يحرز مخدرا من عدمه، أوما رئيس المحكمة للضابط فاقترب من عبید مُلتصقا بكتفه؛ واشتم ملابسه ونفی وجود مخدر معه.
وهنا كانت المفاجأة، أدخل مكرم عبيد يده في جيبه لتخرج بقطعة كبيرة من مخدر الأفيون، وهو مخدر أكثر نفاذا في الرائحة من الحشيش واستكمل مرافعته قائلا:
هذا أفيون.. وهذا الضابط قد التصق بكتفي واشتم ملابسي ولم يكتشفه، فكيف نصدقه والمتهم لم يكن يجاوره؛ وإنما كان يفصل بينهما مكتبا!
هب وكيل النيابة الحاضر بالجلسة ليوجه إلى عبيد اتهاما بإحراز مخدر الحشيش بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي؛ وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا.
وكانت المفاجأة الأخری، تبسم عبيد في ثقة بالغة؛ وكانت إجابته أن أخرج من جيبه تصريحا من نيابة المخدرات؛ بإحراز الأفيون لمقتضيات الدفاع على أن يرده بعد إنتهاء المرافعة.
رفعت الجلسة؛ لتعود المحكمة للانعقاد بعد المداولة معلنة براءة شيخ البلدة”